مشروعات رؤية المملكة 2030.. مغناطيس للاستثمارات الأميركية والطموح العالمي

شكلت المشروعات الكبرى التي تنفذها المملكة العربية السعودية في إطار "رؤية 2030" نقطة جذب واضحة للشركات الأمريكية الباحثة عن فرص استثمارية واعدة. تجلى هذا الأمر بوضوح خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي الذي انعقد في الرياض الثلاثاء الماضي، مؤكدًا قوة الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
بوابة الدرعية والبحر الأحمر والمربع الجديد
تبرز مشاريع عملاقة مثل "بوابة الدرعية"، و"البحر الأحمر"، و"المربع الجديد" كقاطرات لقطاع السياحة؛ حيث يتوقع أن تحدث طفرة نوعية وتتطلب استثمارات بمليارات الدولارات. تأتي هذه الجهود في سياق مساعي المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وبناء مستقبل اقتصادي أكثر استدامة.
ولا يقتصر اهتمام الشركات الأمريكية على القطاع السياحي فحسب، بل يمتد ليشمل قطاعات متعددة وواعدة. تستعد شركة "أوبر" لإطلاق خدمة السيارات ذاتية القيادة هذا العام في السعودية، في خطوة تعكس الثقة في السوق السعودي كمركز للابتكار والتكنولوجيا.
نيوم: مركز عالمي للهيدروجين الأخضر
تعمل "نيوم" جنبًا إلى جنب مع شركة "إير بروداكتس" الأمريكية لإطلاق أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، في استثمار بقيمة 8.4 مليار دولار. يُنتظر أن يسهم هذا المشروع الحيوي في تلبية ما يقرب من 10% من المستهدف العالمي لإنتاج الهيدروجين الخالي من الكربون، مما يعزز مكانة المملكة في مجال الطاقة النظيفة.
وإضافة إلى ذلك، تترقب شركة "طيران الرياض" تسلم أولى الطائرات من الشركة الأمريكية "بوينغ". تستعد الشركة لبناء أسطول من الصفر بهدف ربط 200 وجهة حول العالم، مما يعكس طموح المملكة في أن تصبح مركزًا لوجستيًا وجويًا عالميًا.
فرص استثمارية متجددة
وفي حديثه خلال المنتدى، كشف جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، عن عمل حوالي 83 شركة أمريكية ضمن مشروع "بوابة الدرعية". وأكد أن هذا المشروع ينطوي على فرص استثمارية إضافية لاستقطاب المزيد من الشركات، خصوصًا في الوقت الراهن، ما يعكس الثقة المتنامية في هذا المشروع التاريخي.
وأما في مشروع "المربع الجديد"، فقد نشأت علاقات قائمة مع العديد من الشركات الأميركية، التي عملت في البداية على مستوى وضع الاستراتيجية والاستشارات، وصولًا إلى أعمال إدارة البناء على الأرض، وفقًا لتصريحات مايكل دايك، الرئيس التنفيذي للمشروع. وتشمل فرص الشراكة الحالية مجالات متعددة مثل التكنولوجيا، والهندسة، والعقارات.
ويضيف دايك أن مشروع "المكعب"، الذي سيكون حجر الزاوية في "المربع الجديد" وأحد المباني الأيقونية عالميًا، سيبدأ تشغيله الفعلي عام 2030. أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في فبراير 2023، ويقع على مساحة تتجاوز 19 كيلومترًا مربعًا شمال غرب الرياض، بمساحة بناء طابقية تتجاوز 25 مليون متر مربع.
البحر الأحمر الدولية
تشرف شركة "البحر الأحمر الدولية" على أحد أهم المشاريع السياحية في المملكة، حيث تبني عددًا من المنتجعات السياحية الفريدة على طول الساحل الغربي. كشف جون باغانو، الرئيس التنفيذي للشركة، أن العام الحالي سيشهد تسليم 19 منتجعًا ضمن المشروع، بعد افتتاح أول منتجع في نوفمبر 2023.
وتُعد وجهة البحر الأحمر أكبر وجهة سياحية في العالم تعمل بالكامل بدون شبكة كهرباء، وتسعى لجذب السياح من مختلف الفئات. يؤكد باغانو أن المشروع لا يقتصر على الأثرياء فقط، حيث سيتم افتتاح المزيد من المنتجعات فئة 4 نجوم هذا العام، لتكون في متناول الكثيرين من المنطقة وحول العالم. يعمل ضمن المشروع عدد من الشركات الأمريكية في مجالات الهندسة والتصميم والاستشارات الهندسية والضيافة.
طيران الرياض
تعد شركة "طيران الرياض" إحدى المشاريع الكبرى التي أطلقتها المملكة مؤخرًا، حيث تبني أسطولًا من الصفر، وتستهدف الوصول إلى 200 وجهة بحلول نهاية العقد الجاري. ويواجه المشروع تحديًا رئيسيًا يتمثل في تأخر تسليم الطائرات، لكن دوغلاس، الرئيس التنفيذي للشركة، أكد وجود ثلاث طائرات من طراز 787-9 خاصة بالشركة في خط إنتاج بوينغ، مما يبشر بالخير.
وتركز كبرى الشركات على السعودية كسوق يشهد نموًا كبيرًا، ومن بينها شركة "أوبر". صرح رئيسها التنفيذي دارا خسروشاهي أن المملكة تعد واحدة من أكبر الأسواق نموًا لأعمال الشركة؛ حيث لديها حاليًا أكثر من 140 ألف سائق و4 ملايين راكب، ويعمل التطبيق في 20 مدينة سعودية. يرى دارا أن "أوبر والنقل العام يكملان بعضهما البعض وليسا في تنافس"، وأن "المنافس الرئيسي هو امتلاك سيارة خاصة".
تطمح الشركة لإطلاق سيارات ذاتية القيادة في السعودية هذا العام، وهناك محادثات جارية مع شركاء ووزارات لإطلاق هذه الخدمة بأمان وبالتعاون مع الجهات التنظيمية، مما يعكس توجه المملكة نحو تبني أحدث تقنيات النقل.
استثمارات ضخمة في أسواق المال
لتعزيز نمو أسواق المال السعودية، من المتوقع أن تشمل الاستثمارات المشتركة بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة "فرانكلين تمبلتون" بقيمة 5 مليارات دولار، الأسهم السعودية واستراتيجيات الدخل الثابت في الأسواق العامة والخاصة، ما يوسع آفاق الفرص للمستثمرين السعوديين والأجانب.
وتعكس مذكرة التفاهم التوجه الاستراتيجي للصندوق نحو توسيع شراكاته مع المؤسسات المالية العالمية الرائدة وتنويع محفظته الاستثمارية، وتندرج ضمن جهود الصندوق لتنويع الاقتصاد السعودي وتطوير أسواق المال المحلية. ويعتزم الطرفان التعاون في تطوير استراتيجيات ومنتجات استثمارية في المملكة، مع خطط لإطلاق برامج ومبادرات تهدف إلى التبادل المعرفي وإعداد الكوادر المتخصصة وتعزيز الابتكار في قطاع إدارة الأصول.
وتطمح شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية إلى تصنيع عسكري مشترك وتطوير المنتجات في المملكة، متخطية مرحلة تصنيع المكونات وأعمال الصيانة الحالية. وأكد جوزيف رانك، الرئيس التنفيذي للشركة، أن المستهدف هو تطوير مشترك لمنتجات وأنظمة تلبي احتياجات المملكة والمنطقة، وحتى الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن استراتيجية الشركة تتماشى مع "رؤية المملكة 2030". يرى رانك أن الشراكة تعود بالفائدة على الجانبين، وتسهم في خلق فرص توظيفية في الولايات المتحدة والسعودية. تستهدف السعودية الوصول بنسبة توطين الصناعات العسكرية إلى 50% بحلول نهاية العقد، حيث بلغت بنهاية العام الماضي 19%.
مصنع لـ"هيونداي موتور"
وبالتزامن مع هذه التطورات، تم وضع حجر الأساس لأول مصنع لهيونداي موتور في الشرق الأوسط، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية. ستبدأ عمليات الإنتاج في الربع الرابع من عام 2026، بطاقة سنوية تصل إلى 50 ألف سيارة، تشمل سيارات محركات الاحتراق الداخلي والسيارات الكهربائية.
كما وقعت الهيئة العامة للنقل و"أمازون" شراكة استراتيجية لتعزيز نمو التجارة الإلكترونية وتحفيز نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يمثل خطوة محورية نحو بيئة تنظيمية أكثر ابتكارًا. تضع هذه الشراكة إطارًا شاملاً للتعاون لتطوير خدمات توصيل الشحنات، وتقديم خيارات تمويل سهلة تدعم النمو المستدام لشركات التوصيل المحلية، ورفع جودة الخدمات وتوسيع نطاق التغطية.