الخدمات اللوجستية السعودية.. قاطرة الازدهار نحو رؤية 2030

أفاد تقرير صادر عن شركة "جيه إل إل" للاستشارات والاستثمارات العقارية بأن قطاع الخدمات اللوجستية والتخزين في المملكة العربية السعودية يشهد توسعات متسارعة، مدفوعة بازدهار سوق التجارة الإلكترونية وتصاعد الطلب على مستودعات التخزين من الفئة "أ". يبرز هذا النمو كمحور رئيسي في استراتيجية المملكة الطموحة لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا.
ويتناول التقرير، المعنون "التوجهات الناشئة التي ترسم ملامح سوق الخدمات اللوجستية والتخزين في المملكة العربية السعودية"، العوامل المحورية التي تدفع عجلة هذا التطور. كما يسلط الضوء على التحديات والفرص الكامنة التي تدعم مساعي المملكة لتحقيق أهدافها اللوجستية الطموحة.
استثمارات ضخمة ودعم رؤية 2030
ويلفت التقرير الانتباه إلى الاهتمام المتزايد بهذا القطاع من قبل المؤسسات المحلية والدولية، وما يصاحبه من استثمارات ضخمة. يأتي هذا الإدراك لأهمية قطاعي الأنشطة الصناعية والخدمات اللوجستية كركيزتين أساسيتين في استراتيجية المملكة لتنويع مواردها الاقتصادية.
وينعكس هذا النمو الطموح إيجابًا على تحقيق مستهدفات رؤية "السعودية 2030" الرامية إلى دخول المملكة ضمن أفضل 10 دول في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية. يضاف إلى ذلك أجندة برنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية، التي تستهدف تعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي وتوطين 70% من سلسلة التوريد.
في هذا الإطار، تضع المملكة حجر الأساس لمنظومة لوجستية قوية وفعالة، عبر ضخ استثمارات هائلة في البنية التحتية لوسائل النقل، وتبسيط الإجراءات، ووضع الأطر التنظيمية اللازمة لضمان سلاسة العمليات.
رؤى خبراء الصناعة
وفي سياق متصل، صرح أبيشيك ميتال، رئيس قسم الاستشارات الصناعية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "جيه إل إل"، بأن مكانة المملكة العربية السعودية كمركز لوجستي عالمي تقدم فرصة غير مسبوقة للوصول إلى سوق استهلاكي متنامٍ يغطي ثلاث قارات. هذا يضفي على أنشطة الخدمات اللوجستية والتخزين أهمية محورية للقطاعات التي تشهد نموًا متسارعًا.
وتسعى المملكة، في ضوء رؤية 2030، إلى تعزيز بنيتها التحتية اللوجستية وشبكة النقل مع إعطاء الأولوية للاستدامة، وإقامة شراكات محلية قوية تيسّر التجارة العالمية. وجود شبكة نقل ولوجستيات مرنة يضمن كفاءة حركة الموارد، مما يطرح فرصًا مهمة للمستثمرين للاستفادة من خفض التكاليف وكفاءة سلاسل التوريد.
محركات النمو والفرص الاستثمارية
ويفصل التقرير العوامل الرئيسية التي تعزز الطلب على الأنشطة الصناعية والخدمات اللوجستية في المملكة، ومنها إنشاء مناطق اقتصادية متخصصة ومدن صناعية في مواقع استراتيجية. توفر المدن الصناعية السعودية، البالغ عددها 36 مدينة، مجموعة من المصانع الجاهزة والمستودعات والمرافق اللوجستية.
وتسهم الحوافز والإعفاءات الضريبية الجذابة التي تقدمها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومدينة الملك سلمان للطاقة، ومدينة جازان الاقتصادية، في خلق مجمعات للنشاط الاقتصادي تعزز الاستثمار والابتكار. هذه البيئة الديناميكية تجذب رؤوس أموال ضخمة من مؤسسات استثمارية عالمية تسعى إلى الانتقال نحو المرافق المتطورة من الفئة "أ".
التجارة الإلكترونية وقطاعات رائدة
ويكشف تقرير "جيه إل إل" عن تحول ملحوظ نحو المرافق المتطورة من الفئة "أ"، مع توجه مجموعة من المؤسسات العالمية في مختلف الصناعات، مثل "موانئ دبي العالمية" و"الخليج للاستثمار الإسلامي" و"أركابيتا كابيتال" و"إيه بي مولر - ميرسك"، نحو المستودعات الملائمة والمرافق المتخصصة. يستفيد سوق الخدمات اللوجستية والعقارات الصناعية في المملكة من كونها أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في منطقة الخليج، مدعومة بانتشار الإنترنت المرتفع وتزايد تفضيل المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت.
ويتوقع أن تمثل التجارة الحديثة والتجارة الإلكترونية نحو 80% من أداء قطاع منافذ التجزئة بحلول عام 2030، مما يحفز الطلب على المستودعات الحديثة ومراكز تنفيذ الطلبات الموزعة على مواقع استراتيجية ومراكز التوصيل.
قطاعا الأغذية والمستحضرات الصيدلانية
يُظهر التقرير أن قطاعي الأغذية والمستحضرات الصيدلانية يتصدران الطلب على الحلول اللوجستية المتخصصة، بما في ذلك مرافق التخزين المبردة والمستودعات التي توفر تحكمًا في درجات الحرارة. وتمتلك المملكة أحد أكبر أسواق المستحضرات الصيدلانية في الشرق الأوسط، وتشهد بنيتها التحتية في قطاع الرعاية الصحية توسعًا مستمرًا.
إضافة إلى ذلك، تستورد المملكة 80% من الأغذية، ويصاحب ذلك زيادة في تحول المستهلكين نحو التسوق الإلكتروني للبقالة وتوصيل الأطعمة. يتطلب هذان القطاعان تطوير البيئة التنظيمية وتقديم حلول تقنية متقدمة تخدم سلاسل التوريد، مما يفتح الباب أمام المطورين العقاريين في قطاع العقارات الصناعية والمستثمرين في قطاع الخدمات اللوجستية المتخصصة.
تحديات الاستدامة والتحول المستقبلي
وعلى الرغم من هذه الفرص الواعدة، يسلط التقرير الضوء أيضًا على التحديات التي تواجه الشركات، لا سيما مع تحول قطاع واسع من المؤسسات الصناعية نحو الاستدامة. يتعين على قطاعي الأنشطة الصناعية والخدمات اللوجستية في المملكة، رغم كثافة اعتمادهما على الطاقة تاريخيًا، تحقيق التوافق مع أهداف الاستدامة الوطنية في إطار رؤية 2030.
يُتوقع أن يؤدي النجاح في اجتياز عقبة هذا التحول إلى مساعدة الشركات في تحقيق الازدهار بالسوق السعودي الذي يشهد تطورًا مستمرًا. يشير التقرير إلى أن الابتكار التقني، والشراكات الاستراتيجية، والتحول نحو الإنتاج المحلي، ستكون من العوامل الأساسية التي تساعد في تحقيق الاستدامة والنمو على المدى الطويل في قطاعي الأنشطة الصناعية والخدمات اللوجستية في المملكة.
وتُعد الاستثمارات الجديدة في توسعات الموانئ وشبكات السكك الحديدية والمناطق الصناعية من العوامل بالغة الأهمية التي تساهم في تحويل المملكة إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية ودعم النمو المتسارع في قدراتها الصناعية واللوجستية.