انقسام حاد وتوقعات بـ”خفض حذر”.. أنظار العالم تترقب قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة
في خُطوة ينتظرها العالم، تتجه الأنظار مساء اليوم إلى واشنطن؛ حيث يستعد الاحتياطي الفيدرالي للكشف عن قراره المرتقب بعد اجتماع دام يومين، وسط ترقب واسع لخفض ثالث متتالٍ للفائدة، وتحذيرات بشأن المسار الصعب الذي قد تواجهه الأسواق قريبًا.
وبعد فترة من التردد حول الاتجاه الذي سيتخذه صناع السياسة النقدية، استقرت توقعات الأسواق على خفض بمقدار ربع نقطة مئوية، ليتراجع سعر الفائدة إلى نطاق 3.5%–3.75%، بحسب ما نقل موقع "سي إن بي سي".
لكن الصورة ليست بهذه البساطة؛ إذ تشهد لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، انقسامًا بين أعضاء يرون ضرورة المضي قدمًا في خفض الفائدة لتجنب استمرار الضعف في سوق العمل، وآخرين يعتقدون أن التيسير وصل إلى حد كاف ويهدد بتأجيج التضخم.
الخفض الحذر ووجهات نظر الخبراء
قال أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إنه متردد في الاستعجال في خفض الفائدة، بينما أشار جون ويليامز؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ونائب رئيس لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، إلى أنه قد يدعم خفض أسعار الفائدة.
وبناء على ذلك، ظهر مصطلح "الخفض الحذر" لوصف هذا الاجتماع، أي تقليص الفائدة مع إرسال إشارة واضحة بعدم توقع خفض جديد قريبًا.
وفي هذا السياق، أوضح بيل إنغلش، الأستاذ بجامعة ييل، والرئيس السابق لإدارة الشؤون النقدية بالاحتياطي الفيدرالي، أن السيناريو الأرجح هو خفض حذر يصاحبه بيان ومؤتمر صحفي يشيران إلى توقف محتمل لخفض الفائدة مؤقتًا، مؤكدًا أن السياسة النقدية وصلت إلى مستوى مقبول.
تفاصيل البيان ومؤتمر باول المنتظر
سيُترجم هذا الانقسام في البيان الختامي للجنة والمؤتمر الصحفي لرئيس الاحتياطي، جيروم باول؛ إذ تتوقع تعليقات "وول ستريت" تعديلًا في البيان يعيد استخدام لهجة مشابهة لتلك المستخدمة قبل عام، مع التركيز على مدى وتوقيت التعديلات الإضافية.
وأوضح "جولدمان ساكس" أن المستثمرين سيركزون على تحديث المخطط النقطي، الذي يعكس توقعات المسؤولين لمعدلات الفائدة، إلى جانب توقعات النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة والتضخم.
ويرجح محللو "جولدمان ساكس" أن يُعارض مسؤولان خفض أسعار الفائدة، بينما يقدم خمسة مسؤولين توقعات متشددة بشأنها في المخطط النقطي؛ ما يعكس التوازن الحذر بين التيسير ومخاطر التضخم.
تحديات اقتصادية تحيط بالقرار
أشار ديفيد ميركل، كبير الاقتصاديين لدى "جولدمان ساكس"، إلى أن باول سيعيد التأكيد في مؤتمره الصحفي على سقف شروط أي خفض جديد للفائدة، موضحًا أسباب معارضة بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية.
رغم قوة الحجة المؤيدة لخفض الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، يرى ميركل أن المؤشرات الاقتصادية تُظهر تناقضًا، ففي ظل نقص البيانات الرسمية، أظهرت سوق العمل علامات ركود مع ارتفاع طفيف في تسريحات العاملين، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع التضخم.
وبينما يُنظر إلى خفض الفائدة كخطوة داعمة لسوق العمل، فإن هذه المؤشرات تجعل القرار محفوفًا بالتحديات الاقتصادية الدقيقة.
تحذيرات من مخاطر التضخم
في السياق ذاته، شددت لوريتا ميستر، الرئيس السابق لبنك كليفلاند الفيدرالي، على ضرورة استمرار تقييد السياسة النقدية، إذ بلغ التضخم 2.8% في سبتمبر، متجاوزًا مستهدف الفيدرالي البالغ 2%.
ورغم ذلك، تتوقع ميستر الموافقة على خفض الفائدة اليوم، معربة عن أملها أن ترسل لجنة السياسة النقدية إشارة إلى توقف الخفض قريبًا لمواجهة مخاطر استمرار التضخم.
وأضافت ميستر أن خفض الفيدرالي للفائدة ليس خطأً بالضرورة، إلا أنها تفضّل مراقبة أداء الاقتصاد مع بداية العام المقبل قبل تعديل المسار إذا لزم الأمر.
أهمية الرسائل المستقبلية
وصف إنغلش الوضع الحالي بأنه لحظة بالغة الحساسية؛ إذ يصعب التوفيق بين آراء أعضاء اللجنة المتنوعة حول أولويات الاقتصاد بين التضخم والبطالة.
ويترقب العالم قرار الفائدة، غير أن الرسائل المستقبلية للفيدرالي قد تحمل أهمية أكبر من القرار ذاته في توجيه الأسواق العالمية.
وتبرز هذه الخطوة بوصفها اختبارًا دقيقًا لقدرة الاحتياطي الفيدرالي على تحقيق التوازن بين دعم الاقتصاد وتثبيت الأسعار في ظل ظروف اقتصادية معقدة.



