رؤية المملكة 2030.. إنجازات متسارعة تقود المستقبل بثقة

حققت رؤية المملكة 2030 إنجازًا مبهرًا على مدار تسع سنوات؛ إذ كشف التقرير السنوي لعام 2024 عن بلوغ نسبة تحقيق أهداف الرؤية نحو 93%، في خطوة تؤكد المسار المتصاعد والطموح الذي تسلكه المملكة نحو التحول إلى نموذج عالمي في التنمية والاقتصاد والمجتمع، ويعد هذا التقرير محطة مفصلية لتقييم دقيق لما تحقق من منجزات، مستندًا إلى مؤشرات رئيسية تؤكد قوة الأداء وشمولية الخطط التنفيذية.
وفي هذا الإطار، أكد نايف الغيث؛ كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن الطفرة الملحوظة في الناتج المحلي غير النفطي لم تأتِ مصادفة، بل كانت ثمرة مباشرة للرؤية الطموحة وخططها المحكمة، مُضيفًا أن ما كانت تمثله القطاعات غير النفطية في 2016 من نسبة ضئيلة، بات اليوم يشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، في تحول يعكس قوة التخطيط وعمق التوجه الاستراتيجي الذي تتبناه المملكة.
نمو متسارع يدفع بمؤشرات الاستدامة
وبحسب الغيث، فإن معدلات النمو في الناتج المحلي غير النفطي بلغت في فترات معينة أكثر من 4.5%، مع توقعات بارتفاعها إلى 5% قريبًا، وتستهدف الرؤية رفع مساهمة هذا القطاع الحيوي إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، ما يعد مؤشرًا على الاتجاه الحثيث نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد الأحادي على النفط.
وعلى الرغم من التحديات العالمية الكبرى، مثل: جائحة كورونا، والتقلبات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الفائدة، إلا أن السعودية، وفقًا للغيث، نجحت في تحصين اقتصادها وتجاوز هذه العقبات، ما مكّنها من تحقيق تقدم ملموس يعكس متانة بنيتها الاقتصادية ومهارة إدارتها للأزمات.
استقرار النفط وتفوق القطاعات البديلة
وأوضح الغيث أن الناتج المحلي النفطي، وإن كان يتأثر بالتقلبات العالمية لأسواق الطاقة، إلا أن اللافت للنظر هو التفوق المستمر للقطاعات غير النفطية، التي تواصل تحقيق نتائج قوية، بما يعزز من قدرة الاقتصاد السعودي على النمو المستدام والتكيف مع المتغيرات.
ومن جانبه، أشار الدكتور فواز العلمي، الخبير في التجارة الدولية، إلى أن رؤية 2030 تستند إلى مقومات قوية وبرامج محددة، تشمل 10 برامج تنفيذية و1564 مبادرة نوعية، تتناغم مع تجارب دول نهضت اقتصاديًا، مثل: اليابان وسنغافورة وألمانيا. وأوضح أن 85% من هذه المبادرات امتدت على مدار السنوات التسع الماضية، ما يعكس التزامًا طويل الأمد بالتنفيذ الفعّال.
تحولات اقتصادية ملموسة على الأرض
واستعرض العلمي جملة من الإنجازات التي تحققت خلال هذه السنوات، ومنها مضاعفة قيمة شركة أرامكو لتصبح من بين الأكبر عالميًا، وانخفاض معدلات البطالة، وارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل، إلى جانب تضاعف عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وزيادة تدفقات رأس المال الأجنبي، فضلًا عن ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 154% خلال ثماني سنوات، ونمو الإنتاجين الزراعي والصناعي على حد سواء.
وفي الشأن الدولي، نوّه العلمي بحصول المملكة على مراتب متقدمة في العديد من المؤشرات الاقتصادية؛ حيث احتلت المرتبة الأولى في مؤشر الاقتصاد الكلي بين 141 دولة، والمرتبة 16 عالميًا في التنافسية الشاملة، والثالثة في جودة البنية التحتية للمستثمرين، إلى جانب تصنيفها كأسرع دولة نمواً اقتصاديًا في العالم هذا العام.
الاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي
ولم يغفل العلمي الإشارة إلى الأهمية الجغرافية التي تميز المملكة؛ إذ يمر عبر أراضيها جزء كبير من حركة التجارة العالمية، مؤكدًا على ضرورة استثمار هذا الموقع اللوجستي الحيوي في بناء شراكات استراتيجية جديدة تعزز من النفوذ الاقتصادي للمملكة وتفتح آفاقًا أوسع للتعاون الإقليمي والدولي.
وفي المحصلة، فإن ما تحقق حتى اليوم يعكس أن رؤية السعودية 2030 ليست مجرد خطة إصلاحية، بل مشروع وطني شامل يؤسس لحقبة جديدة من الإنجازات، تقود المملكة نحو موقع متقدم بين الدول الكبرى، عبر نهج تنموي مدروس، ومبادرات فاعلة، واقتصاد مرن، يضع الإنسان في قلب التنمية، ويصوغ مستقبلًا مزدهرًا لأجيال قادمة.