مجلة عزم الوطن 2030

الاقتصاد الرقمي في المملكة يسجل نموًا ملحوظًا ويعزز مكانته في الناتج المحلي

الأحد 25 مايو 2025 05:28 مـ 27 ذو القعدة 1446 هـ
المملكة العربية السعودية
المملكة العربية السعودية

شهد الاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية خلال عام 2023 ارتفاعًا ملحوظًا؛ إذ كشفت الهيئة العامة للإحصاء أن حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي بلغت 15.6%، بزيادة قدرها 1.6% مقارنةً بعام 2022، وجاء ذلك ضمن نتائج "نشرة إحصاءات الاقتصاد الرقمي" التي أصدرتها الهيئة مؤخرًا، مشيرة إلى استمرار المملكة في تعزيز بنيتها التحتية الرقمية وتنمية استثماراتها في القطاع التقني.

وفي هذا السياق، تعكس هذه الزيادة التقدم اللافت في التحول الرقمي بالمملكة، بوصفه أحد ركائز رؤية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية، ومن خلال هذا النمو، تتجلى قدرة المملكة على مواكبة الاقتصاد العالمي الرقمي، وتحقيق تكامل رقمي شامل بين مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.

تطور في التجارة التقنية

وأظهرت النشرة أن واردات المملكة من سلع تقنية المعلومات والاتصالات شهدت نموًا بارزًا، حيث ارتفعت قيمتها من 45.8 مليار ريال في عام 2022 إلى 54.9 مليار ريال في عام 2023، بمعدل نمو بلغ 19.9%، ويعكس هذا الارتفاع تسارع الطلب على التقنيات الحديثة، بما يعزز من تنافسية الاقتصاد المحلي واستيعابه لأحدث التطورات التكنولوجية.

وفي المقابل، سجلت صادرات سلع تقنية المعلومات والاتصالات، إلى جانب السلع المعاد تصديرها، ارتفاعًا حادًا بنسبة نمو بلغت 76.1%، حيث قفزت من 6.7 مليارات ريال في عام 2022 إلى 11.8 مليار ريال في عام 2023، ويُعد هذا النمو مؤشراً على تطور القدرات الإنتاجية الوطنية في المجال الرقمي، وزيادة الاعتماد على المنتجات التقنية المحلية.

اعتماد المنشآت على التقنيات الذكية

ومن المؤشرات اللافتة التي أبرزتها النشرة، أن 71.6% من المنشآت المتصلة بالإنترنت باتت تعتمد على أجهزة أو أنظمة ذكية مرتبطة بالشبكة، بما يعكس اتساع نطاق التحول الرقمي داخل بيئات الأعمال السعودية، وشملت هذه التقنيات الذكية أنظمة الإنذار الحديثة، والعدادات الذكية، والمصابيح ذات التحكم الإلكتروني، بالإضافة إلى كاميرات المراقبة الذكية التي تشهد إقبالًا متزايدًا في المؤسسات العامة والخاصة.

ويمثل هذا التوسع في استخدام الأنظمة الذكية دليلًا على ارتفاع وعي المنشآت بأهمية التحول الرقمي في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين جودة الخدمات، فضلًا عن زيادة مستوى الأمان والرقابة في بيئة العمل، ما يعزز بدوره من تنافسية الشركات السعودية على المستويين الإقليمي والدولي.

قوة الإيرادات التشغيلية للقطاع

وعلى الصعيد المالي، أوضحت البيانات أن الإيرادات التشغيلية لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات بلغت نحو 236.4 مليار ريال في عام 2023، مقابل نفقات تشغيلية بلغت 115.4 مليار ريال، ما يشير إلى وجود هامش ربح قوي يُمكن من تعزيز الاستثمار في هذا القطاع الواعد، كما بلغت تعويضات العاملين في القطاع نحو 27.5 مليار ريال، وهو ما يدل على حجم التوظيف الكبير الذي يخلقه هذا القطاع الحيوي.

ويُعَدُّ هذا الأداء المالي شهادة على نضوج قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة، وقدرته على استيعاب استثمارات جديدة، وخلق فرص عمل نوعية للمواطنين، إضافة إلى مساهمته المتنامية في الناتج المحلي، مما يجعله واحدًا من أبرز القطاعات المحركة لعجلة الاقتصاد الوطني.

مستويات متقدمة في الاقتصاد الرقمي

وتفصيلًا لمساهمة الاقتصاد الرقمي حسب مستوياته، أوضحت النشرة أن "المستوى الأساس"، والذي يشمل الأنشطة المنتجة لسلع وخدمات تقنية المعلومات والاتصالات، ساهم بنسبة 2.6% من الناتج المحلي، بينما ساهم "المستوى الضيق"، المعني بالمنشآت التي تعتمد على المدخلات الرقمية، بنسبة 2.3%. أما "المستوى الواسع"، والذي يضم المنشآت التي تُحسن منتجاتها عبر التقنيات الرقمية، فقد بلغ 10.7%.

ويؤكد هذا التقسيم أن الاقتصاد الرقمي بات جزءًا أصيلًا من الهيكل الاقتصادي في المملكة، لا سيما في ظل تزايد اعتماد القطاعات على المدخلات الرقمية لتحسين خدماتها ومنتجاتها، وتطوير نماذج أعمال مبتكرة تتماشى مع اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي.

مؤشرات دولية ومرجعية عالمية

وأشارت الهيئة إلى أن هذا المسح الإحصائي اعتمد على المعايير الدولية الواردة في دليل إنتاج الإحصاءات في الاقتصاد الرقمي، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، ويُعد هذا الأمر خطوة مهمة لضمان مواءمة مؤشرات المملكة مع المعايير العالمية، ما يُعزز مصداقية البيانات المنشورة، ويُتيح مقارنتها دوليًا.

ويُعد التزام المملكة بهذه المعايير أحد العناصر التي تُعزز من جاذبيتها الاستثمارية في قطاع التقنية، وتسهم في بناء صورة اقتصادية موثوقة أمام المجتمع الدولي، في ظل سعيها لأن تكون مركزًا عالميًا رائدًا في الابتكار الرقمي والاقتصاد المعرفي.